الدكتورة مها Admin
المساهمات : 812 تاريخ التسجيل : 23/12/2009
| موضوع: الفوائد لابن القيم الجوزية : عشرة أشياء تحجب عن الله ، لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي . الخميس فبراير 18, 2010 2:25 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
القرب من الله هو العطاء الأكبر:
| أيها الإخوة الكرام ، الله جل جلاله الذات الكاملة ، صاحب الأسماء الحسنى ، والصفات الفضلى ، الخالق المربّي المسيّر ، هو الحقيقة الوحيدة في الكون ، ولا حقيقة سواه ، هو القوة المطلقة ، هو الغني المطلق ، هو الرحمة المطلقة ، كل ما في الدين يدعو إلى القرب منه ، وكل ما عند الشيطان يدعو إلى البعد عنه ، لذلك أكبر عطاء إلهي أن يجعلك قريباً منه ، وأكبر عقاب إلهي أن تكون محجوباً عنه . ( سورة المطففين ) . هو المعطي وحده ، هو المانع ، هو الرافع ، هو الخافض ، هو المعز ، هو المذل ، هو الذي يؤتي الحكمة ، هو الذي يملأ قلب المؤمن غنى ، هو الذي يملأ قلب المؤمن أمناً ، هو الذي يملأ قلب المؤمن رضاً ، هو الخالق ، هو الرزاق ، هو المحيي ، هو المميت : ( سورة المائدة) . عشرة أشياء تحجب عن الله موضوع الدرس اليوم : بما أن أكبر عقاب يصيب الإنسان أن يُحجَب عن الله ، فما هي الأشياء التي تحجب عن الله ؟ كما أنه هناك عشرة أشياء ضائعة ، هناك عشرة أشياء تحجب عن الله .
العقيدة الفاسدة أكبر ما يحجب عن الله:
| إن أكبر هذه الأشياء أن تكون العقيدة فاسدة ، أنت حينما تستمع إلى من يقول لك : إن الله قدّر على الإنسان الكفر والمعصية قبل أن يُخلق ، ثم جعله في النار خالداً مخلداً ، قد لا تجرؤ بعقلك الواعي أن تقول كلمة ، بل قد لا تجرؤ أن تهمس همساً ، لكن عقلك الباطن يرى أن هذا ظلم كبير ، ماذا فعلت ؟ هذه عقيدة فاسدة ، من هذه العقيدة هناك آلاف العقائد الفاسدة ، هذه تحجب عن الله إما بعقلك الواعي ، أو بعقلك الباطن ، لا يليق بإله عظيم أن يعذبنا من دون سبب ، أن يخلقنا للعذاب ، أن تكون حياتنا مشحونة بالمصائب ، أن يموت أناس من الشبع ، وأناس يموتون من الجوع ، أنت حينما تفسد عقيدتك تحجب عن ربك دون أن تشعر ، دون وعي منك ، لكن حينما تستقيم عقيدتك ، وحينما تعرف الحقيقة ، تقرأ القرآن : ( سورة السجدة ) . لو تسأل عن معنى هذه الآية ، هذه الآية تسبب بعقلك الباطن سوء ظن بالله . ( سورة الشمس ) . إن فهمت الآية على أن الله خلق الفجور في الإنسان ، ثم يعاقبه عليه فعقلك الباطن يبتعد عن الله ، لذلك قال بعض العلماء : إن العوام لأن يرتكبوا الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ، دون أن تشعر ، قد تقرأ حديثاً ليس صحيحاً ، أو حديثًا ضعيفًا ، أو له تأويل آخر
عذاب شديد لمن ينسى القرأن لتقدم سنة
| أن الإنسان إذا حفظ القرآن ، ثم نسيه لتقدمه في السن فله عذاب شديد ، لا ذنب له ، هذا عارض سماوي ، الإنسان مع تقدمه في السن ينسى ، ماذا فعل ؟ لذلك هناك أناس يحجِمون عن قراءة القرآن ، وعن حفظه خوفاً من أن ينطبق عليهم هذا الحديث الذي عليه إشكال .
عقيدة فاسدة دون تدقيق تؤدي للحجب عن الله
| فأنت حينما تتلقى عقيدةً فاسدةً غير صحيحة ، وتصدقها دون أن تشعر تبتعد عن الله . لا تبتعد كثيراً ، لو أن ابناً اكتشف أن الأب خصّ أحد أولاده بعطاء كبير ، وحرم الباقين ، هذا الابن قد يحافظ على أدبه مع أبيه ، لكنه ابتعد عنه ، وانسلخ عنه ، لأن أباه لم يعدل. فما لم تعتقد بالكمال المطلق لله عز وجل فلن تستطيع أن تقبل عليه ، بل تبتعد عنه . أحد الصحابة قال النبي له قبل معركة بدر : لا تقتلوا عمي العباس ، فكر ، قال : أحدنا يقتل أباه وأخاه ، وينهانا عن قتل عمه ؟ لم تستقم معه ، لم يقنع بها ، إلى أن اكتشف بعد حين أن عمه العباس مسلم ، وهو عينُ النبي صلى الله عليه و سلم في قريش ، ينقل له كل أخبار قريش ، وكل قرارات قريش ، وكل ما تخطط له قريش ، فلو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : عمي أسلم لا تقتلوه لكشف أمره ، وانتهى دوره ، لو أن عمه لم يشارك في الحرب لكشف نفسه ، وانتهى الأمر ، لو سكت النبي صلى الله عليه و سلم لقتَله أصحابه ، لا يمكن أن يقول إلا هذه الكلمات : لا تقتلوا عمي العباس ، بعد حين حينما علم هذا الصحابي الجليل أن عمه العباس مسلم ، وكان عين النبي صلى الله عليه و سلم في مكة ، وهذه قيادة عالية جداً ، أن يكون لك إنسان في موقع العدو ينقل لك كل خططه ، هذه أعلى مستوى في القيادة ، يقول هذا الصحابي : ظللت عشر سنين أتصدق رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله صلى الله عليه و سلم. لذلك حينما تتلقى عقيدة سيئة فاسدة ، ولا تدقق ، ولا تمحص ، ولا تسأل ، لعلك بعقلك الباطن تبتعد عن الله ، وتحجب عنه ، الإنسان يحب الكمال ، يحب العدل ، يحب الرحمة ، يحب الإنصاف ، يحب القوة ، يحب الغنى ،
مصير الناس بيد الأقوياء منهم
| لمجرد أن تتوهم أن الأمر بيد زيد من كبار الطغاة في العالم ، أو عبيد ، أو فلان ، أو علان ، وهؤلاء الطغاة يتلذذون بتعذيب العباد وتدميرهم ، وإفقارهم ، وسحقهم ، وهدم بيوتهم ، إذا توهمت أن الله أوكل هؤلاء الطغاة بالتحكم في مصائر العباد دون أن تشعر تبتعد عن الله ، وإنه من الظلم أن يجعل الله مصيرك مع إنسان قوي جداً ، وحاقد جداً ، ويبغضك جداً ، ويتمنى إبادتك ، هذا الكلام غير صحيح . ( سورة هود الآية : 123 ) . أقول لكم : إن معظم ابتعاد الإنسان عن الله بسبب عقيدة فاسدة تسربت إليه والله ولم يدقق فيها ، ولم يمحص ، لذلك أول شيء يحجب عن الله عقيدة فاسدة ، أو سوء ظن بالله ، أو عقيدة فهمها فهماً خاطئاً . الشيء الثاني الذي يحجب عن الله هو الشرك ، دون أن تشعر لمجرد أن تعتقد أن هذه الجهة أمرك بيدها ، وما تريد أن تفعل بك تفعل بك ، دون أن تراجع ، وهي لا تحبك ، هذا وحده يحجب عن الله . ( سورة الزمر ) . ( سورة الأعراف الآية : 54 ) . ( سورة الكهف ) . أمْرك بيد الله ، ولا أحد يستطيع أن ينهي حياتك إلا بإذن الله ، ولا أحد يستطع أن يقطع رزقك إلا بإذن الله . ( سورة فاطر الآية : 2 ) . إذاً عقيدة فاسدة ، وشرك بالله يحجبان عن الله . الآن مجتمعنا الإسلامي مفعم بمقولات لا أساس لها من الصحة ، لكن العوام يرددونها ،
الله عز وجل يعطي الحلاوة للذي ليس له أضراس
| يقول أحدهم : الله عز وجل يعطي الحلاوة للذي ليس له أضراس ، هذا كفر بالله ، يعني أن الله ليس حكيماً ، يقول : سبحان الله ! الله خلقنا للعذاب ، أيضاً هذه عقيدة ليست صحيحة ، وعندنا مئات المقولات ،
طاسات معدودة بأماكن محدودة
| ( طاسات معدودة بأماكن محدودة ) ، لا تعترض ، الله قدّر عليه شرب الخمر ، لم يفعل شيئًا ، لكن الله قدر عليه ، ويضعه في جهنم ، خلقه ، وقدر عليه أن يعصيه ، ويعذبه إلى أبد الآبدين ، لا يمكن أن تقبِل على الله بهذه العقيدة ، تبتعد عنه ، أما هو فينتظرك أن تصطلح معه ، " يا داود ، لو يعلم المعرضون انتظاري لهم ، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي ، ولماتوا شوقاً إلي ، هذه إرادتي بالمعرضين فكيف بالمقبلين ؟ " . هو ينتظرك ، فإن تقربت منه شبراً تقرب منك ذراعاً ، وإن تقربت منه ذراعاً تقرب منك باعاً ، وإن أتيته مشياً أتاك هرولة ، و (( للهُ أَفْرَح بتوبة عبده من العقيم الوالد ، ومن الضال الواجد ، ومن الظمآن الوارد )) . [ رواه ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة ] . هذه البدع القولية يجب أن تركلها بقدمك ، لا أساس لها من الصحة ، وهي تردد كثيراً ، تقول لأحدهم : لمَ لا تصلي ؟ فيجيبك بقوله : لم يَأذن الله بعد ، ما هذا الكلام ! فلان ما شاء الله ، كتب الله له الهداية ، هو لا علاقة له إطلاقاً ، ولا اختيار له إطلاقاً ، الآن هو جيد جداً ، لأن الله كتب له الهداية ، فلان سبحان الله ! لم يأذن الله له أن يهتدي ، ألغى لك اختيار الإنسان ألغى عمله ، ألغى سعيه ، يأتي إمام كبير ترك مئة مؤلّف ، وهو من كبار العلماء ، من كبار المجتهدين ، ملأ الدنيا علماً ، رآه تلميذه في المنام ، قال له : يا سيدي ، ما فعل الله بك ؟ قال : والله لم ينفعنِي كل عملي ، إلا أنني كنت أكتب في كتاب ، فرأيت دُوَيْبَةً ، مخلوق لا يرى بالعين ، نقطة صغيرة ، فانتظرها حتى شربت من حبره ، لهذا غفر الله له ، يُحدِث لك اختلال توازن ، كل هذه الدعوة الكبيرة ، كل هذه الكتب ، كل هذا الإخلاص ، كله رُفَضِ !؟ أو يوهمك أنه يمكن أن تعبد الله طوال عمرك ، وأن تفنى في طاعته ، ثم يكون المصير إلى النار ، وقد تناصبه العداء ، وتتفنن في إيذاء أوليائه ، ثم يكون مصيرك الجنة ، الدليل: (( فَوَ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا )) . [ رواه الترمذي عن ابن مسعود] . هذا الحديث مستحيل وألف ألف مستحيل أن يكون معناه هكذا . ( سورة الحجر الآية : 39 ) . معنى ذلك أن الشيطان مخلوق صالح جداً ، لكن الله أغواه ، هذه كلها تحدِث منعكسات للإنسان ليبتعد عن الله ، فالعقيدة الفاسدة ، والشرك ، والبدع القولية تحجب عن الله . مثلاً : مرة في ندوة تلفزيونية قال لي المحاور : سبحان الله يا أستاذ : والظلم من شيم النـــفوس فإن تجد ذا عفة فلعلّة لا يظلم *** من شيم النفوس ؟! الله خلقنا نحب الظلم ، كيف يحاسبنا إذاً ؟ يقول لك : الإنسان لئيم ، كذا خلقه الله ؟ ( سورة الروم الآية : 30 ) . فطرك أكمل فطرة ، تقرأ عن سيدنا علي كلام لا أصل له ؟ المرأة شر كلها ، وشر ما فيها أنه لا بد منها ، أما النبي صلى الله عليه و سلم فيقول : ((فإنهن المؤنسات الغاليات )) . [ رواه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن عقبة بن عامر ] . (( أكرموا النساء ، ما أكرم النساء إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم )) . [ رواه البيهقي عن أبي هريرة ] . فالبدع القولية تبعد عن الله عز وجل ، وعندنا مئات البدع العملية ، غني كبير ما صلى في حياته ركعتين ، ولا التفت إلى القبلة ، يموت ، يقولون : رأيناه في المنام وجهه يفيض منه النور ، ويلبس الأبيض ، هذا الشيء يحدث اختلال توازن ، ترك صلاة ، شرب الخمر ، غرق في المعاصي كلها ، ورأوه في المنام يفيض وجهه نوراً ، من قال لك ذلك ؟ بدع عملية ، هذا الرجل الغني قضيته سهلة ، نسقط عنه الصلاة ، فيوصي أن ادفعوا لي كذا عن الصلوات كلها ، فأنت تسمع كلامًا ، وتجد أشياء تشكك في أحقية هذا الدين .
ما دخل على الدين من ضلالات أفسد الدين
| والله أيها الإخوة ، ولا أبالغ ، كيف أن نبع بردى ماء عذب صافٍ زلال يتلألأ ، وكيف أن مياه مصبه سوداء ، الدين بدأ كالنبع ، فأضيف له مما ليس منه ، مِن بدع قولية ، وبدع عملية ، وعقائد فاسدة ، فصار الدين غير مقبول عند الناس ، يضاف إلى ذلك أنه كلما أحسنا الظن بإنسان يدعي أنه مؤمن فاجأك بخيانة ، أو فاجأك بخطأ ، أو فاجأك باحتيال ، مثل هذا الإنسان أنا أراه في حق الدعوة إلى الله مجرماً ، لأنه شكك في أحقية الدين ، قال أحدهم : يا رب ، دلّني على شيخ صاحب دين ، حينما لا يرى من يعمل في الدعوة بمستوى دعوته يبحث عن شيخ فيه تدين . عندنا بدع قولية تحجب عن الله ، وعندنا بدع عملية تحجب عن الله . وعندنا كبائر باطنة ، وهذه مهلكة ، الكبر ، الاستعلاء ، هو فوق الناس ، يعتد بماله ، بأسرته ، بوسامته ، بحجمه ، بقوته ، هذه كلها كبائر باطنة ، هذه لا توبة منها ، هذه تحجب عن الله . وعندنا كبائر ظاهرة ، يشرب الخمر ، مثلاً ، يزني بمستوى أقل من الفاحشة الكبرى . الآن عندنا صغائر ، هو مقيم على مئة صغيرة ، وقد ألِفها ، هذه كلها تحجب عن الله دون أن يشعر . (( إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرتكم هذه ، ولكن يطاع فيما تحقرون من أعمالكم )) . [ورد في الأثر] هذه الصغائر إذا كثرت اجتمعت فحجبت عن الله عز وجل ، وكنت أقول دائماً : ثمة راكب مركبة على طريق ، عن يمينه واد سحيق ، فحرف المقود 90 درجة فجأة ، هذه الكبيرة على الوادي ، وحرف المقود سنتيمترًا ، وثبّته ، بعد حين على الوادي ، حرف المقود سنتيمتر مع الثبات ، أو 90 درجة فجأة ، في النهاية المصير واحد ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( لاَ صَغِيَرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ ، وَلاَ كَبِيرَةَ مَعَ الاسْتِغْفَارِ )) . [ رواه أبو الشيخ والديلمي عن ابن عباس ] . ففي حال الانحراف بتسعين درجة تعيد فجأة فتبقى في الطريق ، والسنتيمتر الواحد إذا ثبت كان المصير إلى الوادي . فساد العقيدة ، والشرك ، والبدع القولية ، والبدع العملية ، والكبائر الباطنة ، والكبائر الظاهرة ، والصغائر ، هذه كلها تحجب عن الله . الآن : التوسع في المباحات ، يعتني بالببيت ، يمكن أن يموت ألف شخص ، والبيت قائم ، وقد أطلعني أخ على بيت بمنطقة في المصيف ، شيء يأخذ بالألباب ، لم يدع شيئًا إلا من أعلى مستوى ، مساحات ، وشرفات ، وكسوة غالية جداً ، بقي منظمًا ، قال لأحد إخواننا : هيئ لي المنظم يوم الخميس ، أنا يوم الجمعة أريد أن آتي إلى البيت ، وأسكنه نهائياً ، لم يأتِ ، أخبره ، فقيل له : توفى ، هذا الذي يعتني بالمباحات ، لا شرِبَ خمر ، ولا قتل ، ولا زنى ، لكن كل وقته ، وكل جهده ، وكل إمكانياته لدنياه ، يقف قلب الإنسان ، كل هذا التعب انتهى . الآن : الغفلة عما خُلقت من أجله ، يأكل ويشرب ، ويتحرك ، ويأتي إلى الدروس ، لكنه غافل عن سبب وجوده في الدنيا : جئت من أين و لكني أتــــيتُ فـرأيت قدامي طريقاً فمشيتُ كيف جئت كيف أبـــــصرتُ طريقي لست أدري ولــماذا لست أدري لست أدري *** الإنسان البعيد عن الله يميل إلى التشكيك في كل شيء ، يقول لك : لا نعرف : زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأموات قلت إليـكما إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخاسرة عليكما *** ( سورة التكاثر ) . إنه حجاب أهل الغفلة عن سر وجودهم وغاية وجودهم .
الإنشغال عن مقاصد الدين بالجزئيات:
| الآن ، آخر بند يحجب عن الله : الدين له مقاصد كبرى ، في الدين صلة بالله ، في الدين تضحية ، في الدين بطولات ، ندع كل هذا ، ونعيش في جزئيات صغيرة جداً ، لا تقدم ولا تؤخر ، تدخل في متاهات الأرائِتيات ، نتوقع حالات لا تحدث في المئة مليون عام مرة ، نبحث عن حكم فقهي لها ، شيء لا يصدق ، إذا غرقنا في الجزئيات ، ونسينا مقاصد الدين . الصحابة فتحوا العالم ، ورفرفت راياتهم في المشرق والمغرب ، فيمسخ الدين في آخر الزمان إلى أحكام فقهية احتمالية لا تقع في المئة عام مرة ، دخل في فمه غبار ، هل أفطر ؟ هل الغبار غذاء ؟ أشياء تخرجك من جلدك ، نسينا مقاصد الشريعة ، نسينا الصحابة الكرام الذين فتحوا العالم ، نسينا الحب في الدين ، نسينا التضحية ، نسينا السعادة الكبرى ، بقينا في جزئيات فقهية لا تقع في المئة عام مرة . قال أحدهم : يا بنيتي ، إن فلان خطبك ، قالت له : والله نِعم الشباب يا أبتِ ، فيقال : العقد باطل !!! لماذا هو باطل ؟ قال : لأن البنت إذنها صمتها ، هي تكلمت ، انتهى ، العقد باطل !! هناك أشياء أقسم بالله لا تكاد تصدق ، أصبح الدين معادلات رياضية ، تعريفات ، ونسينا أعظم ما في الدين . لذلك أيها الإخوة ، فساد العقيدة ، والشرك ، والبدع القولية ، والبدع العملية ، والكبائر الباطنة ، والكبائر الظاهرة ، والصغائر ، والتوسع في المباحات ، والغفلة عن سر وجودك ، والغرق في الجزئيات ، هذه كلها تحجبك عن الله عز وجل . و الحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضَ عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم . و الحمد لله رب العالمين | |
|